"ما الذي خرجت به من هذه الدنيا!؟.. صحيح ما الذى يمكن أن يخرج به الإنسان من هذه الدنيا... والجواب: لا شىء.. لأنك إذا قلت أنك (خرجت) من هذه الدنيا بشىء فأنت لا تعرف ماذا تقول.. لأنه لا أحد يخرج منها بشىء.. فالذي يموت لا يترك شيئا لأحد.. لأنه بعد وفاة الإنسان لا أحد.. فكل الناس بعده لا شىء أيضا.. وإنما الذى يحدث هو أن الإنسان كما دخل الدنيا سوف يخرج منها.. كان وزنه ستة أرطال وسوف يخرج منها ووزنه ستون رطلا.. دخلها سليما وخرج منها مريضا..أو تقول لنفسك: كل هذا التعب والعذاب في الدنيا والنتيجة ماذا ؟ لا شيء"
هكذا كتب أنيس منصور في بداية عموده الثابت يوم الثلاثاء الماضى؛ فمن يٌتابع عمود "مواقف" بجريدة الأهرام في الفترة الأخيرة يتأكد أنه كان يستشرف الرحيل بكتاباته عن الحياة والموت والماديات التي يلهث خلفها الإنسان طوال عمره دون جدوى, حيث وصف منصور الحياة بأنها مجرد كوبرى يعبر عليه الإنسان إلي الناحية الأخرى والطريق طويل.
لم يكن الراحل أنيس مُجرد كاتب صحفي فحسب بل كانت له رؤيته الفلسفية في مختلف مناحي الحياة وساعدته مهنة الصحافة وأسلوب الكتابة الصحفية على توصيل أفكاره وفلسفته بصيغة سهلة ومُبسطة يقدر على استيعابها عموم الناس؛ وهو الأمر الذي جعل لأنيس منصور شعبية واسعة تجاوزت الحدود المصرية منطلقة نحو المحيط العربي؛ لذلك وصفه العديد من المثقفين العرب بأنه أكثرهم انتشارا وأنجحهم في الوصول للقارئ البسيط.
اشتهر منصور بصداقته بالرئيس الراحل أنور السادات؛ فقد أيده في معظم قراراته السياسية التي كان أبرزها معاهدة السلام مع إسرائيل حيث سافر معه إلى إسرائيل لتوقيع تلك المعاهدة؛ الأمر الذي أدى إلى وصفه بأنه من أحد كبار الكُتاب المؤيدين للتطبيع مع إسرائيل.
وصف أنيس منصور ثورة 25 يناير بأنها ستكون شرارة انطلاق ثورات باقي الدول العربية؛ متنبئا بأن العالم العربى بعد ثورة الشباب المصرى سيشهد انقلابات كبيرة على الحُكام خاصة هؤلاء الذين اشتهروا بغرورهم وثقتهم العمياء في سيطرتهم الكاملة على شعوبهم.
رحل الفيلسوف الذي اشتهر بحبه وعدائه المتساويين للمرأة؛ فلطالما كتب عن الحب وأهميته للإنسان ولطالما وصف المرأة بأنها مصدر الإزعاج الأكبر في حياة الرجل.
لم يكن منصور وحده الذى يستشرف اقتراب ساعة رحيله لكن قراءه أيضا كانو يستشرفون ذلك؛ فقد حملت تعليقاتهم على مقالاته الأخيرة بموقع جريدة الأهرام على الإنترنت الكثير من عبارات الوداع له ولكتاباته المتميزة والتي وصفها الكثيرمنهم بأنها بمثابة فنجان قهوة الصباح.
رحل الكاتب والفيلسوف أنيس منصور الذي فضل ألا يُصدم قراءه ومحبيه بخبر رحيله فكتب لهم في عموده ما يُمهد لرحيله وانقطاعه عن التواصل مع عُشاق مواقفه اليومية.
اقرأ المقال الأصلي علي بوابة الوفد الاليكترونية الوفد - فيديو..أنيس منصور يستأذن قراءه قبل الرحيل
No comments:
Post a Comment